لأول مرة.. الكنيست الإسرائيلي يسقط قانون المواطنة
للمرة الأولى منذ اعتماده في العام 2003، رفض الكنيست الإسرائيلي فجر يوم الثلاثاء تجديد قانون المواطنة المثير للجدل
الذي يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية التي فيها زوج أو زوجة من مواطني إسرائيل والآخر من سكّان الضفة الغربية أو قطاع
غزّة، ما يشكل ضربة لحكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
وأيّد القانون 59 عضوا في الكنيست ورفضه 59، ما يعني عدم حصوله على الأكثرية المطلوبة.
ويسمح لمّ الشمل بأن يقدّم الفلسطينيون والفلسطينيات الذين تزوجوا من عرب إسرائيل طلبات للحصول على الجنسية
الإسرائيلية.
الحركة الإسلامية الجنوبية
وسعى نفتالي بينيت (يمين متطرف) الذي يرئس ائتلافا حكوميا من ثمانية أحزاب من أطراف سياسية مختلفة ولديه أغلبية
ضئيلة للغاية في البرلمان مكونة من 61 مقعدًا من أصل 120 عضوا، الى تمرير التجديد. فأجرى تسوية مع “الحركة الإسلامية
الجنوبية” بقيادة منصور عباس الذي يشارك في الحكومة. وقالت وزيرة الداخلية أييليت شاكيد أمس “تم التوصل الى تفاهمات
بين كتلة الائتلاف الحكومي على تمديد القانون لستة اشهر، وعلى أن يحصل 1600 فلسطيني وفلسطينية على الإقامة
الدائمة في البلاد”.
لكن عضوين من القائمة العربية الموحدة (وعمادها الحركة الإسلامية الجنوبية) في الكنيست وهما سعيد الخرومي ومازن
غنايم، امتنعا عن التصويت، وصوّت عضو الكنيست عميحاي شيكلي من حزب “يمينا” الذي يرأسه بيينت ضد القانون.
وتمّ سن القانون المؤقت للمرة الأولى في 2003 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، واعتبرته غالبية أعضاء الكنيست إجراء
أمنيا أساسيا، لكن معارضيه يعتبرونه إجراء تمييزيا يستهدف الأقلية العربية في إسرائيل التي تشكل 20% من عدد السكان.
وكان القانون يُجدّد سنويا في السادس من تموز/يوليو منذ ما يقرب من عقدين.
ويشكل سقوط القانون ضربة أولى للحكومة التي تنبأ محللون بأنه سيكون صعبا عليها أن تحكم في ظل الاختلافات العقائدية بين مكوناتها، وقد جمعتها فقط الرغبة بإزاحة نتانياهو من الحكم.
ولا يعني سقوط القانون أن لمّ الشمل سيصبح مباحا. فقد نقلت الإذاعة العامة الإسرئيلية “كان” قبل تسعة أيام عن أييليت شاكيد أنه في حال سقوط القانون، بإمكانها استخدام صلاحياتها كوزيرة داخلية برفض طلبات لمّ الشمل بشكل فردي.
“صفقة فاسدة”
وكان بينيت دعا “المعارضة الى عدم التلاعب بأشياء يشكل أمن الدولة فيها خطا أحمر، والدولة بحاجة للسيطرة على من يدخلها ومن يحصل على الجنسية فيها”.
لكن الناطقة باسم حزب الليكود المعارض بقيادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو، قالت بعد سقوط القانون، إن “صفقة فاسدة خيطت في ظلام الليل”، مشيرة الى أنها حصلت بين بينيت ونائب رئيس الوزراء الوسطي يائير لبيد وشاكيد والعربية الموحدة وحزب ميريتس اليساري.
وأضافت “أراد بينيت ولبيد شراء صوتين من العربية الموحدة مقابل إدخال آلاف الأشخاص الذين سيعرّضون الهوية الصهيونية وأمن دولة إسرائيل للخطر”.
ووصف مدير مركز “مساواة” جعفر فرح سقوط القانون “بالانتصار المرحلي لمعركة طويلة مستمرة منذ 18 عاما ولم تنته”.
وانتقد القانون الذي يحرم “أكثر من 25 ألف عائلة عربية من العيش تحت سقف واحد”، ووصفه “بالعقاب الجماعي العنصري”، مشيرا الى هذه العائلات “تجبر على العيش منفصلة، أو الانتقال إلى خارج البلاد أو العيش في إسرائيل تحت تهديد التهجير الدائم”.
وقالت جيسيكا مونتيل، رئيسة منظمة “هموكيد “، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتقدم خدمات قانونية للفلسطينيين، إن “عشرات الآلاف من العائلات تضررت من هذا القانون”.
ويتسبّب القانون الموقت بتعقيدات لا نهاية لها للفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل وفي الأراضي التي احتلتها منذ عام 1967.
“قانون غير عادل”
وقالت لانا زعرور خطيب (42 عاما ) التي تزوجت من تيسير الخطيب من عكا قبل 16 عاما وحصلت على تصريح إقامة مؤقت يجدّد كل عام، لوكالة فرانس برس، “لا أعرف متى يمكن أن يرفضوه أو يوافقوا عليه”.
ولانا جامعية لكنها لا تستطيع العمل في إسرائيل، لأنه “لا يوجد عندي إذن عمل، وممنوع أن أقود سيارة رغم أنني أحمل رخصة قيادة فلسطينية”.
وتابعت بلهجة حزينة “هذا القانون غير عادل. لا أستطيع السفر مع زوجي وأولادي من المعابر نفسها.. نريد العيش بسلام”.
أما محمد ناصر دحنوس (59 عاما) الذي يسكن في كفر عقب في القدس، فقال “أنا من الخليل. تزوجت عام 1985 وعندي ثمانية أولاد ثلاثة نصفهم حصلوا على لم شمل والنصف الآخر لا”. وأشار الى أنه انتقل “للعيش في القدس منذ عام 1995 بعد أن كنت أعمل في الخليل بصناعة الأحذية. عملت سائق إجرة وسائق باص، لكنهم اعتبروا أنني خالفت القانون الإسرائيلي بالقيادة برخصة فلسطينية”.
وأضاف “في البداية سمحوا لي كزوج لمقدسية بتصريح، وفي عام 2005، ألغوا التصريح”.
وقالت ميريت التي تعيش في مدينة حيفا أنها تزوجت من نيوزلندي من أصول عراقية عاشت معه في الأردن من ثم انتقلا للعيش في حيفا.
وتابعت “عشنا أكثر من سنة في مدينة حيفا، حاول التقدم الى امتحان مهنته (طبيب بيطري) باللغة الانكليزية، فرفضوه وأصروا على العبرية”.
فعاد الزوجان الى الأردن. “لكن لم يتوفر له عمل هناك في البيطرة، وأنا كصيدلانية كان راتبي فقط 200 دينار، وهو مبلغ لا يكفي إيجار منزل، صرفنا كل مدخراتنا وعدت الى حيفا بعد حملي لأضع ابنتي فرح في البلاد”.
أما اليوم، فتعيش ميريت وتعمل في حيفا، وتقول “نلتقي مع زوجي في قبرص أو الأردن أو تركيا. ومنذ تفشي فيروس كورونا،
لم نلتق”