الحضرة الشفشاونية

36

كتبت: لمياء ابن احساين

الحضرة الشفشاونية أو الشاونية هي تعبير صوفي نسائي فريد من نوعه يجمع بين الذكر والإنشاد الديني في أجواء روحانية خاصة.
نشأت في القرن العاشر الهجري في بيوت شفشاون المدينة الزرقاء الواقعة في شمال المغرب المعروفة بثقافتها الصوفية العريقة، أقامت النساء الشاونيات فن الحضرة حيث الجلوس في حضرة الله والتغني بذكر المولى ومديح رسول الله صلى الله عليه وسلم متأثرة بالطرق الصوفية خاصة الطريقة الشاذلية والدرقاوية فالتصوف له مكانة خاصة في المغرب وأثره ممتد بجذوره العميقة إلى بعض الدول مثل مصرالتي تتبع طرقا في التصوف ترجع إلى المغرب،حيث أنها تحتضن مقامات وأضرحة لأقطاب المتصوفة وأولياء الله الصالحين الذين جاؤوا إليها من المغرب.
ظل هذا النوع من الغناء مستمرا ليومنا هذا كطقس ثابت لا يتجزأ عن الحياة الاجتماعية والدينية لشفشاون ومدن شمال المغرب ينتقل من جيل لجيل،تورثه الجدات للأمهات فالبنات .تمارس الحضرة في التجمعات النسائية الخاصة داخل البيوت وما يميزها أنها احتكار نسائي خالص فلا وجود للرجل بينهن،لها طقوس مميزة بدء بالزي الذي تلبسه الحضارت المعروف ب الشدة بالطاكون مرتديات قفطان الحاج عمر وهونوع من القفاطين المغربية المتنوعة بتنوع المناطق والمدن وحزام دق الميغنا و السبنية بشعيراتها الحريرية المنسدلة على جانبي الوجه والحراز والطاكون وجوهر فورصانو بالإضافة إلى حلي أخرى.
مرورا بالآلات الموسيقية التي تكون عبارة عن الدفوف والطبول والتعارج و الدربوكة وانتهاء بالحافظات لمتون الذكر وقصائد المديح والواقفات المؤديات لبعض الحركات الصوفية ،ولا تخرج النغمات عن إطارالذكروالمديح؛ كلمات تمتلئ بالسعادة والحب وحسن الظن بالله وتمجيد لرسوله الكريم معظم الأشعارتكون من أشعارسيدي محمد بن علي بن ريسون ومولاي علي شقور وأبي الحسن الشاذلي والإمام الحلبي.
لفظ مصطلح الحضرة هو لفظ صوفي الذي يعني الحضور الذي يراد به إدراك حالة روحية ونفسية يعيشها المتصوفة تقربا إلى الله تعالى، كانت طقوس الحضرة تقام بين صلاتي العصروالمغرب كل يوم جمعة بالزويا والعودة من الحج والعقيقة والحفلات الخاصة وعيد المولد النبوي الشريف والأفراح واللقاءات العائلية حيث تشكلت أولى الفرق النسائية منذ قرون.
تتنوع المقامات في فن الحضرة تنوعا كبيرا فللمغرب مقاماته ونظمه النغمية والإيقاعية الخاصة به التي يتفرد بها ومن المقامات والطبوع التي يعتمد عليها فن الحضرة رمل الماية وحصار وحسيني وغيرها وتتشارك في بعض مقامات الموسيقى الأندلسية المغربية.وتتفرد المجموعات النسائية باتساق اللحن مع الغناء والإيقاع والحالة الروحية التي لا تكتمل إلا بطريقة الجلوس والوقوف في المجموعة التي تنقسم إلى إثنين مجموعة جالسة ومجموعة واقفة التي يكون تموضعها خلف الجالسات ،تصطف الواقفات أفقيا وتتلاصق الأكتاف مع عدم السماح بوجود فراغات بين الأجساد قدرالإمكان، وعلى مسافة من طرفي المجموعة تقف امرأتين واحدة على الطرف الأيسر وأخرى على الطرف الأيمن تحمل كل منهما علم مثبت على عصا أو راية كما يطلق عليها في المغرب ترتكز على الأرض أمام حاملتها.
لم تعد الحضرة منحصرة داخل البيوت والزوايا بل أصبح الحضارات يخترن الخروج بفنهن وإنشادهن الصوفي إلى المسارح ويشاركن في المهرجانات والحفلات العامة محليا وعربيا وعالميا ،لذا تأسست أول فرقة سنة 2004 لمؤسستها ارحوم البقالي التي تشارك بفرقتها خارج المغرب في عديد من المحافل الدولية ، وفرقة خيرة أفزاز.
ورغم خروج الحضرة عن إطار البيوت والزوايا فلم يتم المساس بالطابع الروحي والتقليدي لنوع من تراث مغربي أصيل ضارب في القدم في مدن شمال المغرب كمجموعة لالة منانة للحضرة العرائشية برئاسة الزهرة البوعناني والحضرة الطنجاوية اللتان يلتقيان مع الحضرة الشفشاونية في اللباس المميز للنساء والغناء والإيقاع ليبقى تراث صوفي وتناغم روحي خاص بالمملكة المغربية.