د. خالد عمر: هل استخدام القوة ضعف أم قوة ؟
بعد أن قامت الإدارة الأمريكية ، بتنفيذ ضربة عسكرية جوية للبرنامج النووي الإيراني ، وتمثل ذلك في الإغارة علي ثلاث محطات نووية في فوردو Fordow واصفهان Isfahan و نطنز Natanz ، بالمخالفة لما وعد به من إعطاء مهلة 14 يوما للنظام الإيراني كمهلة نهائية واخيرة للعودة إلي طاولة المفاوضات ، دون شروط والموافقة علي
تخليها عن تخصيب اليورانيوم.
فقد اختار السيد / ترامب وإدارته الانحياز لجانب نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وإدارته باستخدام القوة ، تحت عنوان : أن القوة هى سبيل لإقرار السلام “.
وجاءت استخدام القوة عكس ما يطالب به أغلب الأطراف السياسية والدبلوماسية العالمية الأخري ، من أفضل طريقة لحل تلك الأزمة هو التفاوض مثل الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وفرنسا ومعظم دول المنطقة وعلى رأسهم مصر.
ولكل طرف حساباته و مبرراته واهدافه المعلن منها و الخفي ، ففي المعسكر الاول ، طل علينا السيد / ترامب وقادتة العسكريين يعلنون عن أن الضربات الجوية كانت ساحقة ماحقه ونجاح غير مسبوق في تاريخ العسكرية الأمريكية ، حققت كافة أهدافها ببراعة كبيرة ، و علي الفور تبعة رئيس الوزراء الإسرائيلي ، وأعلن عن امتنانه الشديد لرئيس ترامب وإدارته علي هذه الضربة العسكرية ، وأنها لبت اهداف وطموحات إسرائيل حكومة وشعبا ، والتي لم يكن لها تحقيق تلك الأهداف دون مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية ، والسيد / ترامب وإدارته.
وعلي المعسكر الآخر : أعلنت إيران بأن الضربة لم تكن ضربة شاملة ، ولكنها كانت جزئية ، وسوف يتم إصلاحها والتعافي منها سريعا ، بل أعلنوا أن اليورانيوم عالي التخصيب قد تم نقلة من المحطات الثلاث قبل عدة أيام من استهدافهم إلي مناطق أخرى أمنه ، فإن صح ذلك ، إذن الأيام القادمة سوف تحمل الكثير من الأحداث و المفاجآت.
بصرف النظر عن تصريحات قادة ومسئولي كلا الجانبين ، فإن المصدر الوحيد لصحة بيانات أي من الجانبين : هو تسجيل ورصد التسرب الاشعاعي من مناطق ضرب المحطات النووية الإيرانية الثلاثة ، فذلك هو الدليل العلمي والعملي الوحيد الذي يجب النظر إليه وإنتظاره ( وهو يحتاج الي سعة من الوقت ) ، و عدم الإهتمام بأية تصريحات صحفية أخري تصدر من هنا أو هناك ، نظرا لتضاربها و تعارضها .
في هذه الأجواء المضطربة والضبابية
والتصريحات العدائية المتبادلة بين الطرفين و المختلط بها حابلها بنابلها ، يصعب ، بل يستحيل التنبؤ بما هو قادم .
ولكن المؤكد ، وكما سبق وذكرته في مقالي السابق ، أن الحقيقة الوحيدة المؤكد الصادرة من كلا المعسكرين ، والتي نراها أمام أعيننا جميعاً ، أننا أمام عالم وواقع جديد ، سوف تظهر وتبذغ عنه قوي جديدة وتتلاشى وتختفي فيه أخري ، وان الجميع خاسر من هذا الصراع وهذا النزاع ، و من يقول ان استخدام القوة هو مقدمة لسلم ؟ ولكن استخدام القوة غالبا ما يكون خسارة للإنسانية وحضارتها وتاريخها ، الجميع يري حجم الدمار والضحايا ، عن أي سلام تتحدثون ؟ سلام أم استسلام ؟
أن العالم ، يمر بظروف معقدة للغاية فهو علي المحك بين الاختيار والمفاضلة بين استخدام القوة أو تبني الدبلوماسية وطرق التفاوض والحوار ؟ استخدام القوة هو تهديد شديد الخطورة لنا جميعاً ، وعلي العالم أن ينتفض لمكافحة انتشار الأسلحة النووية والدمار الشامل ، وان استخدام القوة غالبا يكون برهان ودليل على الضعف وليس القوة ، ونادرا ما كانت القوة طريق للسلام ، وهذا ما تقوله كتب التاريخ ، فكل السيناريوهات الآن مطروحة ومفتوحة لكل الأطراف ، فهل تلك الضربات هي بداية النهاية ؟ أم هي بداية البداية ؟ لذا ، فالنتتظر و نري ما هو قادم خلال الأيام بل الساعات القادمة .