د. ماك شرقاوي يكتب: السيسي وترامب: خمس لاءات… ورسائل من القاهرة إلى العالم

17

في عالم مضطرب، تلعب العواصم الكبرى أدوارًا حاسمة في تشكيل التوازنات، وتبقى القاهرة دائمًا محورًا استثنائيًا في معادلة الشرق الأوسط. وفي قلب هذا المشهد، يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي بثقة، يوجه رسائل واضحة، لا تحتاج إلى تأويل: لا للضغوط… نعم للاستقلال السيادي.

السيسي وترامب: خمس لاءات تغيّر المعادلة
رغم المحاولات المستمرة لتهميش الدور المصري في بعض الملفات، تؤكد الوقائع أن مصر ليست متغيبة… بل رافضة. في وقت سابق، طرحت الإدارة الأمريكية السابقة، بقيادة دونالد ترامب، عروضًا متعددة على القاهرة، كان ظاهرها اقتصاديًا وباطنها سياسيًا واستراتيجيًا خطيرًا. إلا أن الرد المصري جاء قاطعًا عبر خمس لاءات متتالية، رفض فيها السيسي:

توطين الفلسطينيين في سيناء.

التهجير المؤقت أو الدائم لأبناء فلسطين إلى دول إفريقيا وآسيا.

تصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع اقتصادية كـ”ريفييرا الشرق الأوسط”.

إعفاء السفن الأمريكية من رسوم عبور قناة السويس.

إقحام مصر في أدوار إقليمية تتناقض مع ثوابتها الوطنية.

هذه اللاءات لم تكن مجرد مواقف شرفية، بل تعبير عن سيادة سياسية مكتملة الأركان، رفضت أن تتحول مصر إلى “تابع في مشهد إقليمي مشوه”.

زيارة بولس… وعودة التقدير الأمريكي
حين أرسل ترامب كبير مستشاريه، السيد مسعد بولس، إلى القاهرة، لم يكن ذلك بروتوكولًا عاديًا. جاءت الزيارة لتوصيل رسالة واضحة: واشنطن تعرف من يقف على الأرض بثبات، وتعي أن القاهرة تحتفظ بمفاتيح ملفات حساسة كليبيا، غزة، والساحل الإفريقي.

اللقاء الذي حضره وزير الخارجية المصري ومدير المخابرات العامة وسفير الولايات المتحدة، ناقش ملفات متعددة أبرزها:

وقف إطلاق النار في غزة وتسهيل المساعدات.

دعم الحل الليبي الليبي تحت مظلة وحدة الدولة.

تثبيت الاستقرار في السودان ولبنان واليمن.

مواجهة الإرهاب في إفريقيا، خاصة في الساحل وغرب الصحراء.

الإمارات ومالي: رسائل سياسية من غرب إفريقيا
في تحرك إقليمي موازٍ، زار الشيخ شخبوط بن نهيان، وزير الدولة الإماراتي، العاصمة المالية باماكو، حيث التقى بالرئيس الانتقالي عاصمي غويتا. هذه الزيارة لم تكن مجرد تعاون ثنائي، بل حملت رسائل سياسية واضحة إلى خصوم أبو ظبي في المنطقة، وعلى رأسهم الجزائر.

الدعم الإماراتي لمالي يُقرأ على أنه إعادة تموضع في غرب إفريقيا، في وقت تتصاعد فيه اتهامات للجزائر بدعم جماعات مسلحة تزعزع استقرار بوركينا فاسو وموريتانيا.

بوركينا فاسو وموريتانيا: نقاط الاشتعال المقبلة
تعيش بوركينا فاسو حالة أمنية حرجة، حيث تسيطر جماعات إرهابية على أكثر من 60% من أراضي البلاد، مع تهديد مباشر للعاصمة واجادوجو. أما موريتانيا، فرغم الاستقرار الظاهري، فإنها تواجه تحديات متزايدة من عناصر مدعومة – بحسب التقارير – من الجوار الجزائري.

اللافت أن المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، والذي يرأسه أحد المقربين من النظام الجزائري، يفقد مصداقيته أمام وقائع غير مؤكدة، ومواقف إعلامية منحازة تُستخدم لتصفية حسابات سياسية.

مصر بين القوة الناعمة والرسائل الحاسمة
في ظل التداخلات الإقليمية والدولية، تثبت القاهرة أنها صاحبة قرار مستقل، لا يُصنع في عواصم أخرى، بل في أروقة الدولة المصرية. بين لاءات السيسي ورفضه الانجرار إلى تحالفات خاسرة، تبرز صورة جديدة لمصر: دولة مركزية تدير ملفاتها بعقلانية وندية، دون استعلاء أو خضوع

د.ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة :