د. ماك شرقاوي يكتب: رسائل الرئيس السيسي من موسكو إلى واشنطن: رسالة استراتيجية جديدة لمصر في الساحة الدولية

4

في زيارة تاريخية إلى موسكو، شارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الاحتفال بالذكرى الـ80 للانتصار في الحرب الوطنية العظمى في روسيا، حيث تم دعوة مصر لأول مرة كدولة عربية للمشاركة في هذا الحدث البارز. هذا التواجد المصري في الساحة الحمراء لم يكن مجرد مشاركة في احتفالية عسكرية، بل كان رسالة استراتيجية جديدة من موسكو إلى واشنطن، وما بين هذه التحركات تتجلى مشهد من العلاقات المتنامية بين مصر وروسيا.

مشاركة مصر لأول مرة في احتفالات “عيد النصر” الروسي

تعتبر دعوة مصر للمشاركة في هذه المناسبة التاريخية خطوة هامة في تعزيز العلاقات بين القاهرة وموسكو، إذ تعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ الاحتفال أن يتم دعوة دولة عربية. وقد شارك الجيش المصري بوحدة من الشرطة العسكرية، وكان له دور مشرف في العرض العسكري الذي شاركت فيه 13 دولة إلى جانب الجيش الروسي. حضور الرئيس السيسي يعكس عمق العلاقات الشخصية بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما تجسد في التعاون العسكري المتزايد بين الجانبين في الآونة الأخيرة.

تطوير العلاقات العسكرية والاقتصادية بين مصر وروسيا

على هامش الزيارة، جرت قمة مصرية-روسية حيث التقى الرئيس السيسي مع الرئيس بوتين لمناقشة العديد من القضايا الإقليمية والعسكرية. من أبرز نتائج هذه القمة تعزيز التعاون العسكري، وخاصة في مجالات التدريب المشترك، بما في ذلك المناورات البحرية في البحر المتوسط بين الأسطول البحري المصري ونظيره الروسي. كما يتم التعاون في مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية، والتي تمثل خطوة هامة نحو تقوية الروابط الاقتصادية بين البلدين.

تعتبر هذه العلاقة جزءًا من سياق أوسع من التعاون الاستراتيجي بين روسيا ومصر، والتي تشمل أيضًا تبادل الخبرات العسكرية وتطوير البنية التحتية الاقتصادية، بالإضافة إلى التجارة. في السنوات الأخيرة، شهدت الصادرات المصرية إلى روسيا زيادة ملحوظة لتصل إلى 4.5 مليار دولار، مما يعكس قوة العلاقات التجارية بين البلدين.

مصر كحلقة وصل بين الشرق والغرب

ما يلفت الانتباه في هذا السياق هو رغبة روسيا في تعزيز علاقتها مع مصر باعتبارها دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط. من خلال هذا التعاون الوثيق، تسعى روسيا إلى بناء شبكة من التحالفات مع القوى الإقليمية الكبرى، مثل الصين، مما يعزز من موقفها في مواجهة القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

إحدى الملفات الهامة التي نوقشت بين الرئيس السيسي وبوتين هي الأزمة في قطاع غزة، حيث تسعى مصر للحصول على دعم موسكو في جهودها لتحقيق وقف لإطلاق النار. هذا التوجه يساهم في تعزيز دور مصر كوسيط رئيسي في حل النزاعات الإقليمية، وتحديدًا في الملف الفلسطيني.

هل يشهد العالم تحالفًا استراتيجيًا بين مصر وروسيا والصين؟

التحركات الأخيرة تشير إلى إمكانية تطور تحالف ثلاثي بين مصر وروسيا والصين. وقد تجسد هذا التوجه في العديد من الزيارات الثنائية، وكذلك في المناورات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة المصرية والصينية. وبالنظر إلى تطور العلاقات بين الدول الثلاث، يمكن أن يشهد العالم في المستقبل تقاربًا أكبر في العديد من المجالات العسكرية والاقتصادية.

مصر والولايات المتحدة: التوازن بين العلاقات

في وقت يشهد فيه العالم تغييرات جذرية في موازين القوى، فإن مصر تبدو وكأنها تلعب دورًا محوريًا في خلق توازن استراتيجي بين القوى الغربية والشرقية. في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن للحفاظ على تحالفاتها التقليدية في المنطقة، ترى روسيا في مصر شريكًا استراتيجيًا مهمًا للمرحلة المقبلة. هذا التوازن بين العلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا يعكس دبلوماسية حكيمة من قبل الرئيس السيسي.

رابط الحلقة: