تصعيد خطير في الصحراء المغربية وتورط جزائري-إيراني محتمل
نخصص هذه الحلقة لمتابعة التطورات المتسارعة والخطيرة التي تشهدها المملكة المغربية الشريفة، وتحديدًا في منطقة الصحراء المغربية، في أعقاب الهجوم الذي وقع مطلع يونيو الجاري واستهدف مدينة السمارة، بما في ذلك موقع تابع لبعثة الأمم المتحدة (المينورسو).
هذا الهجوم، الذي جاء بعد ثلاثة أيام فقط من تقديم مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات حول التوقيت، والجهات المحتملة وراء هذا التصعيد، خاصة مع ورود تقارير تشير إلى استخدام صواريخ “فجر 5” الإيرانية المعدلة، ما يلمح إلى تورط إيراني عبر الأراضي الجزائرية.
للوقوف على هذه التطورات، نستضيف الأستاذ عبد الحكيم يماني، رئيس مركز “هورايزونز” للأبحاث الجيوسياسية، محلل مغربي يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من 30 عامًا في الصحافة الاستقصائية والاستخبارات الاقتصادية، ومتابع دقيق لتوازنات الساحل والصحراء.
رسائل وراء الهجوم
يرى الأستاذ يماني أن توقيت الهجوم لا يمكن أن يكون مصادفة، خصوصًا في ظل مشروع القانون الأمريكي. فشل الهجوم في إصابة أهداف حيوية، مثل مطار السمارة ومقر المينورسو، يطرح تساؤلات حول ما إذا كان الهدف الحقيقي هو ترك آثار ذخائر إيرانية لخلق حالة سياسية وأمنية محرجة.
الهجوم قد يكون محاولة لتوريط النظام الجزائري وجبهة البوليساريو، وربما جناحًا داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، في مغامرة قد تؤدي إلى تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية وتُحرج صناع القرار في الجزائر.
الدور الإيراني… والصمت الجزائري
أكدت التحليلات أن الصواريخ المستخدمة في الهجوم من نوع “فجر 5” المعدلة، وهو ما يدعم الفرضية بوجود تعاون عسكري بين البوليساريو وإيران عبر الجزائر. هذا يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي، ويقدم للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مبررًا قويًا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الجزائر.
ويضيف الأستاذ يماني أن تسريب هذا النوع من الأسلحة يشير إلى محاولة بعض الأجنحة داخل الجزائر استخدام البوليساريو كورقة ضغط أو للمناورة في صراع داخلي محتدم بين أجنحة السلطة، خاصة في ظل خلافات واضحة بين المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية.
الجزائر… دولة في صراع أجنحة
بحسب يماني، تشهد الجزائر صراعًا داخليًا بين أربعة أجنحة رئيسية: جناح الرئيس تبون المدعوم من بوعلام بوعلام، جناح رئيس الأركان شينقريحة، جناح الجنرال توفيق (مدين)، وجناح مدني عسكري غير محدد المعالم بقيادة شخصيات مثل سفيان الجيلالي. هذه الانقسامات تخلق بيئة غير مستقرة داخليًا، وتنعكس خارجيًا في شكل توتر مع المغرب وأوروبا.
التداعيات الإقليمية والدولية
تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية سيكون ضربة قاصمة للجزائر دبلوماسيًا واقتصاديًا. وستواجه الأخيرة خطر العقوبات وتجميد الأصول المالية، ما سيضعها أمام عزلة دولية متزايدة.
في السياق ذاته، تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا ذكية – عبر الجمع بين التحذير والتفاوض – لدفع الجزائر نحو تغيير سلوكها. ويُنظر إلى الزيارات الأخيرة من مسؤولين أمريكيين إلى المغرب، مقابل التوترات المتزايدة بين الجزائر وفرنسا، كدلائل على تغير موازين القوى في المنطقة.
رسالة للفاعلين الدوليين
يوجه الأستاذ يماني رسالة واضحة: المغرب يمثل اليوم نموذجًا للدولة المستقرة ذات الرؤية الاستراتيجية، بينما تدار الجزائر بعقلية ارتجالية ومزاجية، مما يعرض استثمارات ومصالح الدول الكبرى للخطر. قصص تعامل الشركات الأجنبية مع النظام الجزائري تعكس حجم التحدي.
حول مركز “هورايزونز”
أنشئ مركز “هورايزونز” للجيوسياسة في أواخر 2023، ويعتمد على شبكة من الباحثين والمحللين في دول الساحل وغرب إفريقيا. ينشر المركز تقارير تحليلية معمقة حول الأمن الإقليمي، العلاقات الدبلوماسية، والاقتصاد السياسي في منطقة المغرب الكبير، مع تركيز على النزاع في الصحراء.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي
رابط الحلقة :