الديكتاتورية اتفاق غير معلن وضلع السلطة والحرية مفقود من المثلث!

52

الديكتاتورية اتفاق و ليست اجبار

مفهوم “العقد الاجتماعي” يوضح أن القرار يجب أن يتخذه صاحب السلطة بمفرده  أو مع رأي الأغلبية بحسب النظام المتفق عليه للحكم، و صدق أو لا تصدق ، فإن الديكتاتورية اتفاق و ليست اجبار. و هو ما ظهر جليا في اختيار شعب المزرعة نابوليون الذي يخدم مصالحهم أو بالأحرى ليحمل عنهم المسؤولية بالكامل.

رواية مزرعة الحيوان لجورج اورويل

رواية “مزرعة الحيوان” أو Animal Farm  كتبها الروائي البريطاني جورج اورويل في عام 1943 بشكل  ساخر لوجهة نظره السياسية في الحكم. و هي عبارة عن مزرعة حيوانات قاموا بعمل ثورة ليحكموا أنفسهم وماذا حدث حول الحكم بعد الثورة.

انتخابات لاختيار حاكم

 كانت هناك انتخابات لانتخاب حاكم وكان المتنافسين هما: سنوبول و نابوليون . تدور الأحداث حول شخصية كل من الخنزيرين سنوبول ونابوليون،  بشكل يدفعك كقارئ أن تقارن  سنوبول الطيب صاحب المبادئ، لكنه  بلا أتباع، و نابوليون السيء جدا والجشع، لكنه يملك شعبية كبيرة جدا. فمن منهما سيفوز بالانتخابات؟ و ما هي أسس الاختيار؟

قوانين الفيزياء 

يضع الكاتب هنا الصراع بين يديك. و هو يذكرني بمشهد كوني فيزيائي يتبع قوانين الفيزياء التي بني عليها الكون في أن قانون الجاذبية يعمل بشكل مختلف عن معاييرنا نحن كبشر. فإذا كان الفكر البشري ينحاز للطيبين و يرى حتمية انتصارهم دوما في النهاية، إلا أن قانون الجاذبية لا يلقي بالا إلى من الطيب و من السيء. 

فكلاهما سيسقط مهشما تماما إذا ما اختل توازنهما من مكان مرتفع! و إن استطاع السيء النجاة، فإن ذلك لا يعني قطعا أن قانون الجاذبية قد فضّله على الطيب! بل يعني أنه قد استطاع ، و بحسب القوانين الفيزيائية، التمسك بشيء يمكن أن يحول بينه وبين السقوط.

قانون الانتخابات

هذا ما حدث تماما في الرواية، فإن قانون الانتخابات لا يعرف سوى عدد الأصوات، و متى ما زاد على المرشح الآخر، فسيتم إعلان فوز صاحب عدد الأصوات الأكبر. يفوز نابوليون بالحكم لأن حوله العديد من الخائفين من بطشه و العديد من أصحاب المصالح المنتفعين من وجوده في السلطة. بينما لا يشفع لسنوبول أخلاقه وسلوكه الحميد في جمع العدد المناسب للتصويت له. 

لعبة اللوم

يمكنك أن تغضب كثيرا و تبدأ في إلقاء اللوم كما تريد، تارة على الحياة الظالمة و غياب العدل، و تارة على الجبناء الذين لا يتحركون، و تارة على تفشي الفساد، و..و.. لكن هذا لا ولن يغيّر من الأمر شيئا. و لا يحب أن تأخذ الأمور بشكل شخصي. فلا أحد يكيد لأحد هنا. 

أدوات النجاح

الأمر محض معرفة بأدوات النجاح و استخدامها. فجهاز هاتفك الذكي الذي تحمله، لن يعمل معك إلا بوجود شبكة و متى ما كنت خارج نطاق تلك الشبكة، لن يعمل معك هاتفك حتى و إن كان أغلى هاتف على الكوكب و مؤكد أنه لن يعمل معك لأنك شخص طيب! لن يعمل إلا بوجودك داخل نطاق الشبكة. 

حرر المشاعر المُعيقة

ما تحتاجه هنا مع وجود الشبكة، هو ضرورة تحرير المشاعر التي لم و لن تخدمك في تشغيل هاتفك. هي ليست فقط لا تخدمك بل إنها أيضا من أهم معيقات الوصول لما تريد.

حدد ما يلزمك بالفعل!

 فعندما ينتهي شحن هاتفك مثلا، لا يهم من قام بإخفاء الشاحن الخاص بك، و أنه دوما يفعل ذلك لأنه يريد إغضابك أو حتى لكونه مجرد شخص مهمل! المهم و المهم فقط هنا أن تحصل على شاحن لتقوم بشحن هاتفك! هذا كل ما يلزم، ببساطة و بسرعة. 

إنه الكسل إذن!

كان لابد لسنوبول أن يعلم جيدا أنه يحتاج لعدد معين من الأصوات يمكنه من الفوز بالحكم ليبدأ في ممارسة سياساته الطيبة و التي ستخدم شعبه في المزرعة، لكنه ببساطة لا يريد بذل الجهد للوصول و كعادة كل من لا يصل، يعتقد دوما أن المشكلة في الآخرين الذين خذلوه و لم يعملوا معه من أجل تمكينه من الوصول. و تراه يسعى دوما للحصول على أتباع يؤمنون بالقضية أكثر منه و يهمه دوما الولاء. 

الاضطهاد سلطة بلا مسؤولية ولا حرية

و الأكثر غرابة في الأمر أن يتم الاعتقاد بأن هذه هي الديموقراطية! انا طيب هيا ساعدوني لكي أصل و سوف أجعل حياتكم طيبة! لا شك أن انتظار الولاء و بذل الجهد من الآخرين تجاهي و لصالحي لا يظهر أي “حرية ”  لهم في عدم فعل ما أريد و قطعا لا يظهر أي “مسؤولية ” من جانبي في بذل الجهد المناسب للوصول لما أريد. 

السلطة ونظرية العقد الاجتماعي

يبدو الأمر معقدا جدا عندما يرغب الناس في الإنضمام لمجتمع يلزمه سلطة للحفاظ على الممتلكات من السلب و النهب دون الاستعداد للاستغناء عن بعض من الحرية مقابل خدمات السلطات. و هذا ما أدى لنشوء  نظرية ” العقد الاجتماعي” أو The Social Contract و هي اتفاق يعتمد على التنازل عن جزء من الحرية مقابل الحماية التي تقدمها السلطة أو رأي الأغلبية.  وهناك كتاب للفيلسوف جون جاك روسو بهذا الاسم يوضح هذا المفهوم. 

ضلع السلطة و الحرية مفقود من المثلث!

أيا كان رأيك في الحرية فمن المفيد أن توازن بين السلطة و المسؤولية و بين الحرية و المسؤولية لتصل لضلع المثلث الأخير لترى التوازن بين “السلطة والحرية”.