رمزى سليم يكتب: “عودة طابا” تجسيد حقيقى لأشرس معركة قانونية خاضتها مصر

43

 

 

فى مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل كل مصرى بل وكل عربى بذكرى استرداد “طابا” هذه المناسبة الاى تعنى فى المقام الأول ذكرى استرداد آخر شبر من الأراضى المصرية فى سيناء وهو فى تقديرى ليس مجرد مظهر احتفالى نحرص عليه وإنما هو فى تقديرى الشخصى يمثل تجسيد حقيقى لأشرس معركة قانونية خاضتها مصر حينما لجأت الى التحكيم الدولى من أجل استرداد هذا الجزء الغالى من ارض الوطن وهو ما تكلل بالنجاح بالفعل ففى يوم ١٩ مارس عام ١٩٨٩ تم رفع العلم المصرى على أرض طابا المصرية بعد استردادها من اسرائيل بموجب حكم تاريخى صدر لصالح مصر من محكمة العدل الدولية فى لاهاى.
وبينما نحتفل الآن بالذكرى الـ32 لتحرير طابا فإننى حريص كل الحرص على التنويه الى مسألة فى غاية الأهمية بل هى حقيقة يجب ألا نغفلها أبداً وهى أن فى هذا الوطن فيه رجال شرفاء بذلوا كل ما فى وسعهم من اجل استعادة هذه الأرض هؤلاء الشرفاء هم أعضاء وفد مصر الذى ضم نخبة من خبراء القانون والشخصيات الدبلوماسية الذين قاموا وباقتدار بتفنيد الروايات الإسرائيلية التى استهدفت فى المقام الاول سرقة جزء من أرض سيناء.. تلك النخبة من القانونيين الشرفاء فى الوفد المصرى تمكنوا من تقديم 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا بينها 10 خرائط مهمة مأخوذة من الأرشيف الإسرائيلى نفسه.
وإحقاقاً للحق فإن مهمة مصر القانونية فى استعادة تلك الأراضى لم تكن مهمة سهلة أو بسيطة ، فقد لعبت الدبلوماسية المصرية دورا كبيرا وضخما فى جمع الوثائق التى تدحض الرواية الكاذبة التى اعتمدت عليها اسرائيل لتضليل المحكمة الدولية ولكن الطريق لم يكن امام هيئة الدفاع المصرية مفروشاً بالورود بل شهد صعوبات عديدة على رأسها أن هذا الجزء من الأراضى المصرية كان موقعا للقوات الدولية فى مرحلة ما بعد العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، حيث إن القوات المصرية لم يكن لديها تواجد في الشريط الحدودى على الجانب المصرى منذ عام 1956، وبالتالي كانت المعلومات المتوفرة لديها ضئيلة، ولم يتم تحديثها، وهو ما تطلب البحث عن الضباط الذين عملوا فى ذلك الوقت فى إطار القوات الدولية.
وهو ما تمكنت منه الخارجية المصرية بالفعل حيث نجحت فى أن تجعل يوغسلافيا تبدى استعدادها التعاون مع مصر من خلال شهادة ثلاثة ضباط أكدوا موقع العلامات المرسمة للحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وكان لشهادتهم تأثير واضح على هيئة التحكيم التى أكدوا أمامها فى شهادة مشتركة أن مهمة الكتيبة اليوغسلافية لمدة عشر سنوات كانت القيام بدوريات غرب الهضبة، وأن خرائطهم الرسمية تؤكد أن خط الحدود يمر على هضبة طابا، وليس فى وادى طابا كما تدعى إسرائيل.
والان ونحن نحتفل بذكرى غالية على قلب كل مصرى وعربى فإننى أثمن ما تقوم به القيادة السياسية الآن من أجل خلق مجتمعات عمرانية كاملة فى سيناء بما سيترتب عنه نقل عدد من المجتمعات القادرة على البقاء والاستمرار، الأمر الذى من شأنه أن يضيف لجغرافية مصر الكثير بما يمثل قيمة مضافة جنباً الى جنب العائد الاقتصادي والاجتماعي والأمني أيضًا.