د. ماك شرقاوي يكتب: باريس تصفع الجزائر دبلوماسيًا وترفض شروطها الجديدة وتطالب بالحوار

8

باريس – في تصعيد دبلوماسي جديد يعكس حجم التوتر المستمر بين باريس والجزائر، استدعت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية القائم بالأعمال في السفارة الجزائرية بباريس، يوم 13 مايو 2025، احتجاجًا على ما وصفته بـ”القرار الأحادي الجانب” من قبل السلطات الجزائرية بشأن فرض شروط جديدة على دخول الأراضي الجزائرية بالنسبة للدبلوماسيين والموظفين الرسميين الفرنسيين، ما اعتبرته باريس انتهاكًا مباشرًا لاتفاق 2013 الثنائي بين البلدين.

وأكد البيان الرسمي الصادر عن الوزارة أن فرنسا سترد بالمثل، معلنة عن تطبيق “مبدأ المعاملة بالمثل الصارمة” تجاه المسؤولين الجزائريين، مع التلويح بإمكانية اتخاذ “إجراءات إضافية” حسب تطورات الوضع. ودعت باريس السلطات الجزائرية إلى “التحلي بالمسؤولية” والعودة إلى “حوار بناء وجاد” يخدم مصلحة البلدين.

الخطوة الفرنسية تأتي على وقع أزمة متفاقمة منذ أيام، بعدما رفضت محكمة الاستئناف في باريس تسليم المعارض الجزائري ونائب رئيس حركة “الماك”، أكسل بلعباسي، للسلطات الجزائرية، رغم اتهامه بالمشاركة في التحريض على حرائق عام 2021 وقتل الشاب جمال بن إسماعيل. وقد قوبل قرار المحكمة الفرنسية بالتصفيق داخل القاعة، واعتبره مراقبون صفعة قضائية وسياسية للجزائر.

وترى مصادر مطلعة أن هذا التصعيد الجديد يعكس تدهورًا غير مسبوق في العلاقات الفرنسية-الجزائرية، حيث تتزايد الهوة بسبب ملفات الذاكرة الاستعمارية، الحريات السياسية، والمواقف المتباينة إقليميًا، خاصة في قضايا الساحل والصحراء.

ولا تُخفي باريس قلقها من انزلاق العلاقة نحو مزيد من التصعيد، في حين تواصل الجزائر سياسة خارجية أكثر استقلالية، ترى فيها باريس تهديدًا لمصالحها التقليدية في شمال إفريقيا.
ويبدو أن ما كان مجرد خلاف دبلوماسي روتيني قد يتحول إلى أزمة مفتوحة إذا لم تُفتح قنوات جديدة للحوار الثنائي أو لا يتم احتواء التداعيات القانونية والدبلوماسية المتسارعة.

د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي

رابط الحلقة :