بوقت أوشك عصر القراءة أن يختفي.. “الآتون من السماء” رواية زمكانية!

كتبت عبير يونس

86

هل نقترب من انتهاء عصر القراءة؟ 

الكتابة في عصر الصور عملية لم تعد سهلة، لتعلن انتهاء عصر القراءة،  فالقارئ الذي ترسم مخيلته
صورا من الكلمات، لم يعد يريد إعمال ذهنه ليتخيل حروف منشورا على إحدى منصات التواصل الاجتماعي
. فما بالنا برواية تحمل أحداثا و شخصيات و حبكة؟!

رواية تغريك بالغوص في حروفها

أن ينجح روائي في جذب القارئ للغوص في نصه، هو عمل بالفعل محفوف بالمخاطر و يمكن اعتباره مغامرة
. على الأخص، لو كانت روايته تحمل الكثير من الأحداث المتداخلة و الشخصيات المركبة .

فهل يمكن لنص مكتوب أن يجعل أنفاسك تتسارع و تسمع دقات قلبك في أذنيك و أنت ترى بعينيك مطاردة
حية داخل الحروف؟

و كيف سيكون تفاعلك مع ذلك الكم الهائل من المشاعر المتنوعة؟

و هل ستسمح لتلك المشاعر، أن تجعل قلبك يخفق بقوة، صعودا وهبوطا بين المتعة و الألم؟

من هم الآتون من السماء؟

يلعب عنوان الرواية دورا في غاية الأهمية لجذب عيني القارئ للتوقف على الغلاف و التساؤل: ماذا
يقصد هذا العنوان يا ترى؟ قد يكون العنوان هو الخيط الرئيسي للفكرة، و الذي سيتم نسج الأحداث
جميعها من خلاله. و قد يكون العنوان هو تتمة الرواية و الرسالة التي يرغب الكاتب في إيصالها إليك.
فمن هم الآتون من السماء؟ و ما الذي يحملونه إليك؟

توليفة تحبس الأنفاس

إذا كنت ممن يحبون التنقل، في المكان و الزمان، فمن المؤكد، أن أحداث هذه الرواية ستستفز ذائقتك
و تدفعك لالتهامها، دون أن تصل للاكتفاء.

تدور أحداث هذه الرواية في عدة عواصم عربية و غربية. إذ تنقلك من دمشق و القدس إلى القاهرة،
مرورا بتركيا و فرنسا، في رحلة تقع في عدة حقب زمانية.

و إن كنت محبا للتاريخ فستجد ضالتك في أماكن تم اختيارها بعناية و حرفية لتخبرك الكثير. أنها توليفة
دسمة ترضي ذائقة الجميع و على مستويات متعددة من البساطة و الفكاهة إلى قمة التعقيد، بسلاسة
لن تشعر فيها بالصدمة.

 بانوراما روح الراوي

تختلف الرواية عن القصة في أنها تروى بلسان كاتبها ، و الذي يجعلك ترى بعينيه و تشعر بقلبه. و لاشك
أن مؤلف الرواية فادي اوطه باشي القادم من دمشق، الثائر الطامح للتغيير، ذو العقلية الإدارية التحفيزية
، هو بنفس الوقت الفائز بلقب “الحالم رجل الياسمين” من محمود درويش شخصيا.

هذه البانوراما لروح الراوي، تجمع لك بين سطور روايته، مزيجا من روحه و عقله و نظرته للحياة. فهو يسمح
لك بالتعرف على جذوره، من خلال هذه الرواية التي تحمل زخم الهوية و الاغتراب.

ثم يمنحك ذلك الحالم، بكل الود، باقات من الياسمين الدمشقي. ينثرها لك على بوابات روايته طوال الوقت
. ليبث لك رسالته في السلام، أن الأمل لا تهزمه الشدائد.

ارتشف على مهل

تكمن روعة هذه الرواية في مرونتها، فهي تسمح لك أن ترى أحداثها كما يتراءى لك. وبمدى ما يحمله
وعيك من عمق، سترى أن الرسائل و الرموز الفلسفية هنا تكاد لا تنتهي. من أجل ذلك، من المهم أن
تعاملها كفنجان قهوة تحتسيه رشفة تلو الأخرى على مهل. و تحتاج لقراءتها عدة مرات لتكتشف
أبعادا جديدة في كل مرة. فتارة بعيون أحمد، و تارة من قلب ميشيل، و تارة بروح الأب باولو.

انتبه للرسائل

ليست كل الرسائل جديرة بالقراءة، بل وليست كل الرسائل جديرة بالوصول. كيف تصل الرسالة دون
متلقي مستعد لكي يستقبلها؟! بل و كيف نضمن أنه سوف يستجيب إلى مهمته في إعادة الإرسال؟

لماذا اختار الأب باولو أحمد؟ وماذا كان الهدف من اختيار الأقدار لميشيل و ماريا لمساعدة أحمد؟ ما
علاقة الرائليون برسالة السماء؟ و نعود للتساؤل الذي يلح على ذهنك طوال الوقت، من هم الآتون من
السماء؟ و هل ستنجح رسائلهم في الوصول؟