“مصر لا تركع وترامب سيتراجع”. سنناقش تطورات متعلقة بموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والضغوط التي تمارس على مصر في قضية قناة السويس.
منذ فجر التاريخ، كانت قناة السويس تمثل شريان حياة للعالم بأسره، وهي الآن تحت السيادة المصرية رغم الضغوط الأمريكية المستمرة. تصريحات ترامب الأخيرة حول نية الولايات المتحدة استخدام قناة السويس بدون دفع رسوم عبور أثارت جدلاً كبيراً على الساحة الدولية، وهو ما جعل الأمم المتحدة تشير إلى ذلك باعتباره اعتداءً على القانون الدولي.
قناة السويس: التاريخ والسيادة المصرية
قناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل هي جزء من التاريخ المصري الممتد عبر آلاف السنين. فكرة شق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط كانت موجودة منذ عهد الفراعنة، ومرت عبر عدة محطات تاريخية حتى عهد الخديوي إسماعيل. بناء القناة كان بمشاركة مليون عامل مصري في ظروف صعبة، وعانى العديد منهم من الموت بسبب ظروف العمل القاسية.
وفي عام 1888، تم توقيع اتفاقية القسطنطينية التي ضمنت حرية الملاحة في القناة لجميع السفن التجارية والحربية، مع بقاء القناة تحت السيادة المصرية. لكن، وبسبب التدخلات الاستعمارية، بقيت بريطانيا تهيمن على القناة حتى جلاء الاحتلال في عام 1956، عقب العدوان الثلاثي.
تصريحات ترامب: الشعبوية أم التصعيد الجيوسياسي؟
التصريحات الأخيرة من ترامب حول حماية الولايات المتحدة لقناة السويس تتجاوز الواقع وتفتقر إلى الأسس الحقيقية. الحقيقة أن الجيش المصري هو من يتولى حماية القناة، وهو قادر على تأمين السفن الأمريكية وغيرها من السفن العابرة. الهجوم على هذا التصريح جاء من العديد من الدول، بما في ذلك السعودية والإمارات، اللتين عبرتا عن دعمهما الكامل لمصر في موقفها.
ما يحدث في باب المندب يعكس بشكل أو بآخر الصراع الأمريكي في المنطقة، حيث تسعى واشنطن إلى استخدام بعض الجماعات مثل الحوثيين لزعزعة استقرار المنطقة. ومع ذلك، يبقى الجيش المصري هو الحامي الفعلي لقناة السويس، وهو قادر على ردع أي تهديد.
التهديد السيادي والتحديات الاقتصادية
تصريحات ترامب تمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة مصر على أحد أهم الممرات المائية في العالم. فالحديث عن “إعفاء السفن الأمريكية” من رسوم العبور قد يؤدي إلى سابقة قانونية خطيرة تؤثر على مستقبل القناة. رغم أن السفن الأمريكية تمثل فقط 3% من إجمالي السفن العابرة، إلا أن السماح بذلك قد يشجع دولاً أخرى على اتخاذ نفس الموقف، مما يضر بالسيادة المصرية.
لا يتعلق الأمر فقط بالجانب الاقتصادي، بل بالهيبة الوطنية والمكانة الاستراتيجية لمصر. الولايات المتحدة قد تكون حليفًا قويًا لمصر في مجالات عديدة، لكنها لا تملك الحق في فرض شروطها على قناة السويس.
د. ماك شرقاوي الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي المتخصص في الشأن الأميركي