لمياء ابن احساين اكتب : الولادة من الخاصرة

71

كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات يقول إن أمريكا تملك 99 بالمئة من أوراق اللعبة في المنطقة ولا طالما تسائلت من يملك الواحد بالمئة الباقي إلى أن اكتشفت أن هذا الواحد بالمئة تملكه أمريكا أيضا ، لكنها ترجئه مؤقتا للاعب إقليمي يتغير بتغير الظروف والأزمات ويملك أدوات تجعله يلعب بذلك الواحد المتبقي.
وهذا اللاعب هو إيران فعبر السنوات الأخيرة أتقن المفاوضون الإيرانيون المساومة بما يعرف (بلعبة البازار) وهي لعبة استراتيجية متنوعة تأخذك في جولة بالأسواق،تبدأبطاولة وتنتهي بملكية البازار إذا استطعت.
لاعب يلعب بكل الأرواق التي تخدم مصالحه وتثقل ميزانه في التفاوض حول برنامجه النووي التي ربحها في الاتفاق الذي كان في ولاية باراك أوباما عام 2015، ذلك الاتفاق رفضه دونالاد ترامب عند دخوله للبيت الأبيض أول مرة، لكن في ولايته الحالية عادت المفاوضات من جديد وإن كانت عبر وسيط ، فهل لازالت إيران تتقن لعبة البازار؟
أمس اختتمت الجولة الخامسة غير المباشرة بالعاصمة الإيطالية روما بواسطة سلطنة عمان ،هذه المفاوضات تختلف عن سابقاتها من المفاوضات الماضية فهذه المرة مع الدولة العميقة في أمريكا وبحضور قوي لإسرائيل في الكواليس السياسية والديبلوماسية ، فاللقاء الذي كان في باريس بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمو ومدير جهاز الموساد ديفيد برنيع يدل على أن إسرائيل تفاوض أيضا وتحاول التأثير على مسار المفاوضات مع إيران وهذا ما اكدته مكالمة ترامب ونتانياهو قبل انطلاق المفاوضات ،أكد من خلالها ترامب عن التزامه بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي مشددا على أهمية الجهود الديبلوماسية،لكن إصرار إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها يعتبر العقبة الأساسية أمام التوصل إلى انفاق نهائي ،فهذه المرة المفاوضات تأتي وإيران تعاني من ضغوط داخلية واقتصادية صعبة فتدهور العملة وارتفاع أسعار الوقود وفقدانها لأدواتها وأذرعها في لبنان وسوريا واليمن عوامل تدفعها إلى تخفيض سقفها في المفاوضات ،كما أنها تنظر إلى التهديدات الإسرائيلية بطرف عين خفي رغم أنها حذرت أمريكا بانها ستعتبرها مسؤولة عن أي هجوم عسكري عليها من طرف إسرائيل التي تهدد بضرب المنشأت الإيرانية النووية،
المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ترك المفاوضات وغادر روما متحججا بالتزامات طارئة، وكلام وزير خارجية إيران عباس عراقجي على أن الطرفين بحاجة إلى مزيد من الجولات التفاوضية الاحترافية وأنه إذا كان المطلوب هو لا سلاح نووي سنصل إلى تفاهم وإذا اصرت أمريكا على لا تخصيب ستتوقف المفاوضات ،رغم أن الجانب الإيراني طالب بضمانات أمريكية متعهدا بعدم عسكرة المشروع النووي ،لكن ماذا سيحدث لو انهارت المفاوضات نهائيا في الجولة القادمة فدونالد ترامب قال تحديدا إن طريقين ستمضي فيهما المفاوضات لا ثالث لهما إما اتفاق ديبلوماسي جيد أو وضع سيء لطهران والوضع السيء هو ضربة عسكرية مرحب بها من طرف الغرب والخليج رغم تحفظهم لاحتمال جر المنطقة إلى وضع أكثر تعقيدا .
إيران اليوم ليست ذلك اللاعب القوي التي كانت عليه قبلا فالأدوات التي كانت تهدد بها انهارت والمولود الذي تريد إخراجه من خاصرة أمريكا سيكون ميتا لأن الولادة من الخاصرة ولادة ضد الطبيعة والمألوف والنظام الحالي في إيران لا يريد أن تنهار دولة الملالي ويتكرر السيناريو الأفغاني، في الأخيرلن تقنع إيران أمريكا ولا وكالة الطاقة الذرية أنها ليست لها عقيدة القنبلة النووية وستقدم تنازلات وستخصب اليورانيوم خارج أرضها مقابل رفع العقوبات عليها.